المشرق العربي
الأخبار
الإثنين 13 تشرين اول 2025
تسعى الولايات المتحدة إلى «الاستفادة» من خبرة «قسد» في مكافحة تنظيم «داعش» (أ ف ب)
تستعدّ الحكومة السورية الانتقالية مع«قوات سوريا الديموقراطية» لعقد جولة تفاوض جديدة، هي الأولى على مستوى اللجان الفرعية، منذ توقيع اتفاق العاشر من آذار قبل أكثر من ستة أشهر، بين الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد» مظلوم عبدي. وتأتي هذه التحضيرات وسط ضغوط أميركية وفرنسية مرشّحة للتصاعد، من أجل استثمار ما تبقّى من مهلة تنفيذ الاتفاق، والتي تقلّ عن تسعين يوماً، لتجنيب منطقة الشمال الشرقي اندلاع مواجهة واسعة.
ومن المتوقّع أن تعقد الجلسات في أثناء الأسبوع الجاري أو المقبل، وأن تشارك فيها للمرة الأولى لجان متخصّصة من الطرفين، بهدف بحث صيغ اندماج «قسد» و«الإدارة الذاتية» في مؤسسات الدولة. وفي هذا السياق، كشف عبدي، في حديث إلى قناة «روناهي» الناطقة باسم «الإدارة الذاتية»، عن «زيارة وشيكة لوفد «الإدارة الذاتية» إلى دمشق، بما في ذلك اللجان العسكرية، لبحث الاندماج»، مشيراً إلى أنّ ««الأسايش» (قوات الأمن الداخلي) ستندمج في وزارة الداخلية السورية كما هو الحال بالنسبة إلى قسد، مع وجود ممثّلين للأسايش، في الاجتماعات القادمة في دمشق». وأضاف أنّ «الاجتماعات القادمة ستناقش التعديل الدستوري»، وأنّ هناك «تفاهمات جارية لإدراج بنود اتفاق 10 آذار في الدستور السوري»، لافتاً إلى وجود «تفاهم عسكري وأمني»، يجري «بحث تفاصيله عبر اللجان المشتركة». كما دعا «أهالي منطقة عفرين إلى الاستعداد للعودة الآمنة إلى مناطقهم».
في المقابل، نقلت وسائل إعلام قريبة من الحكومة الانتقالية، عن مصادر قولها إنّ «التفاهمات نصّت على اندماج «قسد» ضمن الجيش السوري، عبر ضمّ ثلاث فرق وعدّة ألوية عسكرية من «قسد» للجيش، موزّعة في الحسكة والرقة ودير الزور»، مؤكّدة أنّ ««الأسايش» ستندمج أيضاً مع قوات الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية».
وأضافت المصادر أنّ ««قسد» ستحتفظ بالمناصب القيادية ضمن التشكيلات المدمجة في مناطق شمال وشرق سوريا»، لافتة إلى أنّ «الحكومة سوف تعيّن مسؤولين من قبلها توافقياً، على أن يكونوا من سكان المنطقة». ومع اكتمال عملية الدمج «لن تبقى قوة باسم «قسد» أو «الأسايش»، وسوف تحمل القوات أسماء الفرق العسكرية والقوات الأمنيّة المعتمدة لدى الحكومة»، وفقاً للمصادر التي أشارت إلى أنّ «التفاهمات التي تمّت بين الطرفين جاءت برعاية أميركية».
وتأتي هذه التطوّرات بعد زيارة كل من المبعوث الأميركي، توم برّاك، وقائد القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال براد كوبر، إلى الحسكة، ومشاركتهما في محادثات دمشق الأخيرة، والتي تمّ عبرها التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في مناطق التوتّر شمال شرقي سوريا. لكنّ هذه التهدئة، التي تعرّضت إلى خروقات كثيرة، لم تنعكس تخفيضاً للتصعيد من جانب أنقرة، التي توجّه إليها وفد حكومي يضمّ وزيرَي الخارجية أسعد الشيباني، والدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين السلامة، لوضعها في أجواء التفاهمات الأخيرة.
«الضغوط الأميركية والفرنسية قد تثمر وتعزّز فرص إنجاز تفاهمات شاملة»
ورغم ذلك، خلت تصريحات الجانبين من أي إشارة مباشرة إلى اتفاق 10 آذار أو إلى «قسد»، وهي تركّزت على التعاون الثنائي في الملفين الأمني والعسكري. لكنّ وزير الدفاع التركي، يشار غولر، أكّد في أثناء تفقّده تدريبات للجيش التركي في أنقرة، أنّ «تركيا لن تسمح لأي تنظيم إرهابي، وعلى رأسهم ميليشيا PYD (قسد)، بالتمدّد أو النشاط تحت مسمّيات مختلفة في دول الجوار».
كما شدّد على «ضرورة وقف أنشطة تنظيم PKK (حزب العمال الكردستاني)، وكافة التنظيمات التابعة له، استجابةً لدعوة زعيم التنظيم عبد الله أوجلان، إلى حلّ نفسه»، داعياً عناصر «قسد»، و«خصوصاً في سوريا، إلى تسليم أسلحتهم فوراً ودون شروط». وتعليقاً على ذلك، يرى مصدر كردي، في حديثه إلى «الأخبار»، أنّ «تركيا تسعى دوماً إلى عرقلة أي مسار تفاوضي بمجرّد استشعارها إمكانية التوصّل إلى اتفاق دبلوماسي من دون دماء»، متّهماً أنقرة، بـ«الضغط على دمشق للتمسّك بالخيار العسكري، وعدم القبول بانضمام «قسد» و»الإدارة الذاتية» إلى بنية الدولة». ودعا المصدر أنقرة، إلى «دعم الخطوات التوافقية بين دمشق و»قسد»، وترك المجال للطرفين للتفاوض كسوريّين حول قضية وطنية داخلية»، مؤكّداً أنّ «القوات الكردية لا تمثّل خطراً أمنيّاً على تركيا، بل تحرص على علاقات جيدة مع دول الجوار».
من جهته، يؤكّد مصدر مطّلع على مسار المفاوضات، أنّ «هناك مؤشّرات إيجابية لعقد اجتماعات حاسمة في الملفات العسكرية والاقتصادية والتعليمية والإدارية»، لكنه يحذّر من أنّ «تطبيق اتّفاق العاشر من آذار، يحتاج إلى جهود حقيقية من الضامنين الدوليين، بما فيهم تركيا». وإذ يشير إلى أنّ كلّاً من دمشق و«قسد»، يبديان «مرونة واستعداداً لتقديم تنازلات متبادلة»، فهو يرى أنّ «الضغوط الأميركية والفرنسية، قد تثمر وتعزّز فرص إنجاز تفاهمات شاملة».
كما يكشف أنّ «الولايات المتحدة تسعى إلى الاستفادة من خبرة «قسد»، في مكافحة تنظيم «داعش»، لتشكيل فرقة متخصّصة بهذا المجال»، لافتاً إلى أنّ «الأميركيين طرحوا انضمام عناصر من القوات الحكومية إلى هذه الفرق لتحقيق شرط انخراط دمشق في جهود مكافحة الإرهاب، وفق ما تنصّ عليه الشروط الأميركية والغربية».